الإعراض عن النعمة واليأس من الرحمة
صفحة 1 من اصل 1
الإعراض عن النعمة واليأس من الرحمة
الإعراض عن النعمة واليأس من الرحمة
{وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا (83) قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا (84)} [الإسراء: 83 و 84].
في النوع الإنساني غرائز غالبة عليه، لا يسلم منها إلاّ من عصم الله، أو وفق إلى الإيمان والعمل الصالح، وفي آيات القرآن العظيم بيان لكثير من تلك الغرائز، للتحذير من شرها، والتنبيه على سوء مغبتها، منها هذه الآية الكريمة.
لما ذكر تعالى أن القرآن يكون شفاء ورحمة للمؤمنين، ولا يزيد الظالمين إلاّ خساراً، بين تعالى سبب خسار أولئك الظالمين، وهو إعراضهم عن الله، وبعدهم عنه، ويأسهم من رحمته. وعلم منه أن المؤمنين الذين كان القرآن لهم شفاء ورحمة هم على الضد منهم: فهم أهل إقبال على الله تعالى، وقرب منه، ورجاء فيه.
{أنعمنا} أوصلنا أنواع الإحسان.
{الإنسان} المراد به النوع، باعتبار مجموعه، فلا ينافي خروج أفراد كثيرين بالعصمة والتوفيق.
{أعرض} صد بوجهه إلى ناحية أخرى، فأرى عرض وجهه، أي ناحية وجهه.
{نأى} بعد.
{بجانبه} بناحيته بشقه الأيمن أو الأيسر، والباء للتعدية أي أبعد جانبه.
{مسه} أصابه.
{الشر} البلايا والرزايا بأنواعها.
{يئوسا} شديد اليؤس والقنوط، وعدم انتظار الفرج.
جيء بفعل الشرط وجوابه (1) ماضيين، لتحقق وقوعهما؛ ولذلك كان التعليق بـ "إذا" وجواب الشرط والفعل والمعطوف عليه، فيهما الصورة التامة للمعرض غاية الإعراض؛ فإنه يصرف عنك وجهه، وهذا مفاد الفعل الأول (2) ويلوي عنك [[عطفه]] ويبعد جانبه، ويوليك ظهره،
وهذا مفاد الفعل الثاني (1). ثم هما كناية عن الاستكبار وعدم الاكتراث، وعدم الالتفات إلى مولي النعم، سواء حصلت هذه الصورة بالفعل أو لم تحصل.
المعنى:
أ- وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض تمام الإعراض.
إما بعدم قبول تلك النعمة استكباراً، أو تهاونا كما يكون من الذين يكفرون بالقرآن أو يخالفونه، وهو من أعظم نعم الله عليهم.
وإما بعدم القيام بحق الله في تلك النعمة، وعدم شكره عليها، كنعمة العقل، والبدن، والحال (2) وغيرها ... ، إذا لم تُستعمل في طاعة الله، ولم يقم بحقه فيها.
ب- وإذا مس الإنسان الشر، ونزلت به المصائب، وحلت به النوائب، استولى عليه اليأس والقنوط، وانسدت في وجهه أبواب الرجاء.
يرتبط اليأس من رحمة الله بالإعراض عن نعمته من جهتين:
الأولى: أن من أعرض عن نعمة الله قطع صلته بخالقه، وذهب ممعنًا في بعده. فإذا نزلت به المصيبة كان كالمنقطع به في البيداء: يجد نفسه وحده فيأخذه اليأس والقنوط من كل جانب.
الثانية: أن الإعراض عن النعمة ترك لها ولموليها، والآيس متروك لوحده، مغضوب عليه، قد تَرَكَ فَتُرِكَ، وكان جزاؤه من جنس عمله.
انتقال واعتبار:
تلك حالة أهل الإعراض.
أما أهل الإقبال على الله تعالى والقبول لإنعامه، فإن قلوبهم عامرة بالله، وصلتهم متينة به؛ فإذا نزلت بهم المصائب، رجعوا إليه وانتظروا رحمته، فكان ذكره غناهم في الفقر، وأنسهم في الوحشة، ونعيمهم في الألم؛ وكان لهم من الرجاء أنواع رحمته، ما يهون عليهم جميع المصائب.
بصرنا القرآن في هذين الوصفين الذميمين: الإعراض عن النعمة، واليأس من الرحمة، ونحن نراهما فاشيين في أكثر الناس على تفاوت بينهم، على حسب ما عندهم من إيمان وعمل صالح.
بصرنا القرآن بهما ليحذرنا منهما ومن سوء عواقبهما، فإن الإعراض عن النعمة كفر بها
ومقتض لسلبها، وأن اليأس من رحمة الله جهل به، وكفر بما هو متقلب فيه من نعمه وموجب لانطماس القلب، وشلل البدن، وانقطاع الأعمال.
فليحذر المؤمن من هذين الوصفين الذميمين، وليعمل على اجتنابهما واجتثاثهما من أصلهما.
على المرء أن يقبل نعم الله تعالى، ويقبل عليها إقبال المستعظم لها، العارف بحقها، وعظيم الفضل بها، ليقوم بشكرها، وذكر الله عندها، وليتفحصها، وليتأملها نعمة نعمة، ليشكر الله عليها واحدة واحدة بالقلب واللسان والأركان، حسب المستطاع.
حتى ما يكون من باب المصائب والآلام، فإنه يتناوله على أنه نعمة من الله تعالى، بما فيه من أجر وتمحيص، وما يحصل به من رجوع وإنابة، وما يكون منه من تربية وتدريب على السلوك اللازم في الحياة الفردية وإلاجتماعية: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30].
وليكن دائماً متمسكاً بحبل الرجاء في الله، تيسير الأسباب، وكشف الكروب، ودفع المكروه؛ فالرجاء حسن ظن في الرب، وقوة في القلب، وباعث على العمل، ومخفف أو مذهب للألم.
فيا لها من عظيم أجرها، جليل نفعها في الدنيا والدين.
فهنيئاً للشاكرين الراجين.
ويا ويح الكافرين- كفر عقيدة أو كفر نعمة- القانطين.
{وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا (83) قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا (84)} [الإسراء: 83 و 84].
في النوع الإنساني غرائز غالبة عليه، لا يسلم منها إلاّ من عصم الله، أو وفق إلى الإيمان والعمل الصالح، وفي آيات القرآن العظيم بيان لكثير من تلك الغرائز، للتحذير من شرها، والتنبيه على سوء مغبتها، منها هذه الآية الكريمة.
لما ذكر تعالى أن القرآن يكون شفاء ورحمة للمؤمنين، ولا يزيد الظالمين إلاّ خساراً، بين تعالى سبب خسار أولئك الظالمين، وهو إعراضهم عن الله، وبعدهم عنه، ويأسهم من رحمته. وعلم منه أن المؤمنين الذين كان القرآن لهم شفاء ورحمة هم على الضد منهم: فهم أهل إقبال على الله تعالى، وقرب منه، ورجاء فيه.
{أنعمنا} أوصلنا أنواع الإحسان.
{الإنسان} المراد به النوع، باعتبار مجموعه، فلا ينافي خروج أفراد كثيرين بالعصمة والتوفيق.
{أعرض} صد بوجهه إلى ناحية أخرى، فأرى عرض وجهه، أي ناحية وجهه.
{نأى} بعد.
{بجانبه} بناحيته بشقه الأيمن أو الأيسر، والباء للتعدية أي أبعد جانبه.
{مسه} أصابه.
{الشر} البلايا والرزايا بأنواعها.
{يئوسا} شديد اليؤس والقنوط، وعدم انتظار الفرج.
جيء بفعل الشرط وجوابه (1) ماضيين، لتحقق وقوعهما؛ ولذلك كان التعليق بـ "إذا" وجواب الشرط والفعل والمعطوف عليه، فيهما الصورة التامة للمعرض غاية الإعراض؛ فإنه يصرف عنك وجهه، وهذا مفاد الفعل الأول (2) ويلوي عنك [[عطفه]] ويبعد جانبه، ويوليك ظهره،
وهذا مفاد الفعل الثاني (1). ثم هما كناية عن الاستكبار وعدم الاكتراث، وعدم الالتفات إلى مولي النعم، سواء حصلت هذه الصورة بالفعل أو لم تحصل.
المعنى:
أ- وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض تمام الإعراض.
إما بعدم قبول تلك النعمة استكباراً، أو تهاونا كما يكون من الذين يكفرون بالقرآن أو يخالفونه، وهو من أعظم نعم الله عليهم.
وإما بعدم القيام بحق الله في تلك النعمة، وعدم شكره عليها، كنعمة العقل، والبدن، والحال (2) وغيرها ... ، إذا لم تُستعمل في طاعة الله، ولم يقم بحقه فيها.
ب- وإذا مس الإنسان الشر، ونزلت به المصائب، وحلت به النوائب، استولى عليه اليأس والقنوط، وانسدت في وجهه أبواب الرجاء.
يرتبط اليأس من رحمة الله بالإعراض عن نعمته من جهتين:
الأولى: أن من أعرض عن نعمة الله قطع صلته بخالقه، وذهب ممعنًا في بعده. فإذا نزلت به المصيبة كان كالمنقطع به في البيداء: يجد نفسه وحده فيأخذه اليأس والقنوط من كل جانب.
الثانية: أن الإعراض عن النعمة ترك لها ولموليها، والآيس متروك لوحده، مغضوب عليه، قد تَرَكَ فَتُرِكَ، وكان جزاؤه من جنس عمله.
انتقال واعتبار:
تلك حالة أهل الإعراض.
أما أهل الإقبال على الله تعالى والقبول لإنعامه، فإن قلوبهم عامرة بالله، وصلتهم متينة به؛ فإذا نزلت بهم المصائب، رجعوا إليه وانتظروا رحمته، فكان ذكره غناهم في الفقر، وأنسهم في الوحشة، ونعيمهم في الألم؛ وكان لهم من الرجاء أنواع رحمته، ما يهون عليهم جميع المصائب.
بصرنا القرآن في هذين الوصفين الذميمين: الإعراض عن النعمة، واليأس من الرحمة، ونحن نراهما فاشيين في أكثر الناس على تفاوت بينهم، على حسب ما عندهم من إيمان وعمل صالح.
بصرنا القرآن بهما ليحذرنا منهما ومن سوء عواقبهما، فإن الإعراض عن النعمة كفر بها
ومقتض لسلبها، وأن اليأس من رحمة الله جهل به، وكفر بما هو متقلب فيه من نعمه وموجب لانطماس القلب، وشلل البدن، وانقطاع الأعمال.
فليحذر المؤمن من هذين الوصفين الذميمين، وليعمل على اجتنابهما واجتثاثهما من أصلهما.
على المرء أن يقبل نعم الله تعالى، ويقبل عليها إقبال المستعظم لها، العارف بحقها، وعظيم الفضل بها، ليقوم بشكرها، وذكر الله عندها، وليتفحصها، وليتأملها نعمة نعمة، ليشكر الله عليها واحدة واحدة بالقلب واللسان والأركان، حسب المستطاع.
حتى ما يكون من باب المصائب والآلام، فإنه يتناوله على أنه نعمة من الله تعالى، بما فيه من أجر وتمحيص، وما يحصل به من رجوع وإنابة، وما يكون منه من تربية وتدريب على السلوك اللازم في الحياة الفردية وإلاجتماعية: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30].
وليكن دائماً متمسكاً بحبل الرجاء في الله، تيسير الأسباب، وكشف الكروب، ودفع المكروه؛ فالرجاء حسن ظن في الرب، وقوة في القلب، وباعث على العمل، ومخفف أو مذهب للألم.
فيا لها من عظيم أجرها، جليل نفعها في الدنيا والدين.
فهنيئاً للشاكرين الراجين.
ويا ويح الكافرين- كفر عقيدة أو كفر نعمة- القانطين.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى